قصة محاولة أبرهة الحبشي لهدم الكعبة من القصص التي له أثر في كل مؤمن بالله ففيها حمي الله الكعبة من من محاولة أصحاب الفيل لهدم الكعبة، كان عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم منشغل بأمور السقاية والرفادة التي آلت إليه بعد وفاة عمه المطلب؛ ولكن عبد المطلب لم يقتصر على القيام بهذه الأمور فقد كانت أقل من همته ومروءته، لأنه كان زعيما مفطورا على الزعامة، فارتفع شأنه، وذاع صيته، وأصبح أهم شخصية في مكة كلها، ومرجع الأمور فيها.
عام الفيل ومحاولة أبرهة الحبشي لهدم الكعبة
وفي عهد عبد المطلب وزعامته لمكة حدث الغزو الحبشي لمكة بقيادة أبرهة الأشرم فيما عرف بحادثة الفيل ... وقصة هذا الغزو أن الأحباش بعد أن بسطوا سلطانهم على اليمن كما أسلفنا القول أرادوا أن يمدوا سلطانهم على الحجاز، وأن يحرموا مكة من الزعامة والسيادة، وكما بسط الأحباش سلطاتهم على اليمن لأسباب دينية، فقد أرادوا أن يتخذوا من الدين مرة أخرى ستاراً يخفون تحته أطماعهم السياسية في إقليم الحجاز، ذلك أن أمر مكة أخذ يتعاظم بعد أن أصبحت الكعبة محط أنظار العرب من جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية يأتون إليها حاجين من كل فج عميق .
لم يعجب ذلك أبرهة الحبشي الذي آلت إليه مقاليد الأمور في اليمن بعد أن أقصى القائد الحبشي أرياط الذي غزا اليمن، ولكي يصرف أبرهة أنظار العرب عن مكة، ويحول وجوههم عن الكعبة؛ فقد قام ببناء كنيسة في صنعاء بذل في تشييدها وتزيينها أقصى جهده ليحج إليها العرب بدلا من الحج إلى الكعبة .
لماذا أراد أبرهة الحبشي هدم الكعبة
وترامت أنباء تلك الكنيسة إلى الحجاز فثار أهلها وأغضبهم أن يقوم في بلاد العرب بناء ينافس الكعبة كائنا ما كان وقام رجل من بني مالك بن كنانة بزيارة لصنعاء؛ وتظاهر بأنه جاء لزيارة كنيستها وتعظيمها فبال فيها؛ وفي أثناء الليل قام وعبث بها ولطخ جدرانها بالقاذورات، وفي الصباح اُكتشف ذلك، ووصل إلى علم أبرهة، وعلم أن الذي فعل ذلك هو رجل عربي من مكة، فاقسم ليغزون الكعبة ويهدمها.
أعد أبرهة الحبشي جيشاً كبيرا لهدم الكعبة وجعل في مقدمة الجيش فيلاً ضخما، ولما وصل الجيش إلى مشارف مكة استولى على بعض قطعان من الإبل والماشية التي كانت مملوكة لبعض زعماء مكة، ومنها جزء كبير لعبدالمطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان سيد مكة وزعيمها ولما علم عبد المطلب بذلك ذهب إلى أبرهة ليكلمه في أمر إبلة التي استولى عليها، فلما وصل عبد المطلب لأبرهة الحبشي رد عليه قائلا : أنا لم أتِ إليك لأكلمك في شأن الحرب وهدم البيت وإنما جئت الأكلمك في شان إبلي التي استوليت عليها وأرجو أن تردها إليّ.
أبرهة وعبد المطلب
فقال له أبرهة : كنت هبتك حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتي، أتكلمني في أمر الإبل، وتترك شأن البيت الذي هو دينك ودين آبائك وأجدادك؛ فرد عليه عبد المطلب بقوله المشهور : "أما الإبل فهي لي وأما البيت فله ارب يحميه" لم تنته المفاوضات بين عبد المطلب وأبرهة إلى حل بشان الكعبة وإنما صمم أبرهة على هدم الكعبة، ولكن جيشه هزم شر هزيمته، ولم يستطيع أبرهة الحبشي هدم الكعبة، وقام رب البيت بحماية البيت كما توقع عبدةالمطلب.
لقد حكى لنا القرآن الكريم شأن هذا الغزو الحبشي للكعبة ومصير الجيش الغازي في سورة الفيل فقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحٰبِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍۭ (5) }
[ سورة الفيل : 1 الى 5 ].
وبهذا انتهت قصة محاولة الأحباش غزو مكة وهدم الكعبة، وكان العرب يعظمون هذه الحادثة لأن الله تعالی تدارك الكعبة وحماها من عدوان أبرهة، لذلك كانوا يؤرخون بها لحوادثهم؛ فيقولون حدث هذا الشيء في عام الفيل، أو قبل عام الفيل بكذا، أو بعده بكذا، ومن أعظم الحوادث التي حدثت في عام الفیل هو مولد النبي صلى الله عليه وسلم.