دين الرسول قبل الوحي :
ومنذ استقرار حياة محمد ﷺ بعد زواجه من السيدة خديجة رضی الله عنها، بدأ يفكر ويطيل التفكير فيمن حوله، فكان يرفض ما عليه من عبادة الأصنام، وما غرقوا فيه من الفساد والمجون ، فلم يسجد لصنم قط، ولم يحضر مجلسا من مجالس لهوهم وعبثهم وفسادهم ،فالله تعالى صان نبية واصطفاه من عبث الجاهلية وفسقها ومجونها ،فاتجه خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم إلى التفكير والتأمل.
كيفية عبادته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
ولكي يهيئ لنفسه جوا مناسبا للتفكير بعيدا عن صخب مكة وضجيجها كان يذهب إلى غار يسمى غار حراء في شمال مكة على بعد بضعة أميال منها ،كان يصعد إلى هذا الغار الذي يقع على قمة هضبة وعرة المسالك والطرق ،وكان يتجشم هذه المشقة البالغة ليبتعد عن الخلق ليفكر في الخالق سبحانه وتعالى ،وكان شهره المفضل للتحنث والتفكير والتأمل هو شهر رمضان المبارك، كان محمد يذهب إلى غار حراء ومعة طعامه وشرابة، ويقضي فيه الأيام والليالي الطوال ، ثم يعود إلى بيته ليتزود مرة أخرى ويرجع إلى الغار ليستأنف تعبده وتفكيره.
ماذا كان يعبد الرسول قبل الإسلام
وهكذا لم يكن لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء من عمل سوى التفكير والتأمل والتماس الحقيقة، ويختلف العلماء في الأوقات التي كان يقضيها في غار حراء منقطعا للتفكير والتأمل؛ وهل كان يتعبد على ملة بعينها؟ وما هو دين الرسول قبل الوحي؟
فيرى بعضهم أنه كان يتعبد على ما بقي من شرع نوح عليه السلام أو إبراهيم عليه السلام أو موسى عليه السلام، أو عيسى عليه السلام، أو علي ما بقي على ما بقي من هذه الشرائع جميعها.
ولكن على كل حال يبدوا أن محمد صلى الله عليه وسلم كان في تفكيره وتأمله ينشد مخرجا للعالم مما هو فيه من الشرك والوثنية والجهالة العمياء التي يعيش فيها، ويتضح أن دين الرسول قبل الوحي كان من الشرائع السابقة وحتي طول التفكير والتأمل يدل على أن ما بقي من هذه الشرائع القديمة التي تنوسیت تعاليمها على طول الزمن لم يكن كافيا ليريح نفس محمد، ويدخل عليها الطمأنينة؛ تلك النفس المستشرفة التي كانت تبحث عن الحق المجرد، والحقيقة المطلقة