ما حكم الحداد على الميت من الرؤساء والملوك؟ من عادات الكثير من الدول العربية والإسلامية في هذا الزمان، بالحداد على من يتوفي من الزعماء والملوك والرؤساء لفترة ثلاثة أيام أو أقل أو أكثر، مع وقف عمل الدوائر الحكومية وحداد الأعلام.
ما حكم الحداد على الميت من الرؤساء والملوك
ولا ريب أن هذا الفعل مخالف للشريعة الإسلامية، وفيه تشبه بأعداء الإسلام، وقد أتت في هذا الشأن أحاديث صحيحة عن رسول الله ﷺ تنهى عن الحداد علي الرؤساء والملوك وتحذر منه، إلا في أمر الزوجة فقط، فإنها تحد على زوجها المتوفى أربعة أشهر وعشرًا، كما وردت الرخصة من رسول الله للمرأة فقط، أن تحد على من لة صلة رحم ثلاثة أيام فقط، أما عدا ذلك من الإحداد فهو منهيٌ عنة شرعًا، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية ما يجيز الحداد على ملك أو زعيم أو رئيس.
وقد توفي في حياة النبي ﷺ ولدة إبراهيم وفتياتة الثلاث وأقرباء آخرون، فلم يحد عليهم صلي الله عليه وسلم. وقتل في وقتة أمراء غزوة مؤتة: عبدالله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة فلم يحد عليهم.
ثم مات النبي ﷺ وهو أفضل الخلق ومن خير الأنبياء وسيد ولد آدم، والمحنة بموته أعظم المحن، ولم يحد عليه الصحابة.
ثم توفي أبو بكر الصديق وهو من أخيار الصحابة، ومن أفضل الخلق بعد الأنبياء فلم يحدوا عليه، ثم توفي عمر وعثمان وعلي وهم أشرف الخلق بعد الأنبياء وبعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعاً، فلم يحدوا عليهم، وهكذا توفي الصحابة كلهم فلم يحد عليهم التابعون.
هل قام التابعين بالحداد علي ملوكهم أو ائمتهم
توفي أئمة الإسلام وأئمة الهدى من علماء بعد الصحابة ومن بعدهم؛ وعلي بن الحسين زين العابدين، وسعد بن المسيب، ومحمد بن علي، والزهري، وعمر بن عبدالعزيز، والإمام مالك بن أنس والإمام أبي حنيفة وصاحبيه، والثوري، والأوزاعي، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، وإسحاق بن راهويه، والكثير من أئمة الهدي والعلم، فلم يقم المسلمون بالإحداد عليهم.
ولو كان في الحداد على الرؤساء والملوك خيرًا لسبقنا إليىة السلف الصالح، والخير كله في المشي علي طريقهم والشر كله في عصيان أوامراهم. وقد بينت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي سبقنا ذكرها؛ على أن ما قام به سلفنا الصالح من ترك الحداد علي الرؤساء والملوك الإ على غير الأزواج فهو الحق والصحيح.
وأن ما يقوم بة الناس اليوم من الحداد على الرؤساء والملوك والزعماء أمر يخالف السنة المطهرة، علي ما يقوم عليه من الأضرار الكثيرة، والقيام بأفعال مشابهة لأعداء الإسلام، وتعطيل مصالح الناس.
وبذلك يفهم: أن الواجب والأولي على قادة المسلمين وأتباعهم ترك الحداد على الرؤساء والملوك والزعماء واتباع طريق سلفنا الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم ومن سلك طريقهم.
وينبغي على أهل العلم إفهام الناس على ذلك، وإخبارهم به، نصيحة لغيرة، والتعاون على التقوى والبر، ولما شرع الله من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولقوائد المسلمين وعامة الناس.
وأسأل الله أن يكون مع قادة المسلمين وعامتهم لكل ما يرضاه، والتمسك بشريعته، والحيطى مما خالفها وأن يعمر قلوبنا وأعمالنا جميعًا؛ إنه يسمع دعائنا قريب الإجابة.
وهذا قد بينا حكم الحداد على الرؤساء والملوك وأسأل الله العظيم أن يرحمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وأصحابه أجمعين.
المصدر: الجزء الأول ص 411، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز رحمه الله 22/ 229).