تحدثنا في المقال السابق عن كيف اتكلم العربية بفصاحة وقد قسمنا هذا الموضوع الي مقالين الأول بعنوان فصاحة الكلمة رابط الموضوع من هنا والثاني عن فصاحة الكلمة وهو موضوعنا اليوم حتي استطيع اتكلم العربية بفصاحة لابد أن نعرف كيف نستطيع الحكم علي الكلمة بأنها فصيحة وأيضاً علي الكلام سنذكر اليوم كيف نستطيع الحكم علي الكلام بأنة فصيح .
فصاحة الكلام
تتحق فصاحة الكلام بخلوها من تنافر الكلمات وخلوها من التعقيد اللفظي والمعنوي وكثرة التكرار وتتابع الإضافات ويجب أن تخلو من ضعف التأليف ويجب أن يتحقق للفصاحة في كل كلمة من كلماته حتي نستطيع الحكم علي الكلام بأنه فصيح سنقوم بتفصيل كل أمر يجب أن يخلو منه الكلام ليكون فصيحا ً.
تنافر الكلمات
أولاً - تنافر الكلمات : هو أن تكون الكلمات غير منظمة ويصعب النطق بها ثقيلة علي اللسان حتي ولو كانت كل كلمة فصيحة بذاتها ونفسها ، وكما قال الشاعر :
وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر
إذ نظرت هذا البيت فستجده اجتمعت عليه القواعد السابقه من تنافر الكلمات فنطقة صعب ثقيل علي اللسان لا يستطيع اللسان أن ينطق به ثلاث مرات متتالية دون أن يتعثر أو يخطئ في نطق البيت، وأيضاً كما قال الشاعر :ف
فالمجدلا يرضي بأن ترضي بأن يرضي امرؤ يرجوك الا بالرضا
وقول أبو تمام :
كريمٌ متي أمدحه أمدحه والوري
وانثنت نحو عزف نفس ذهول
لقد حدث التنافر في هذا البيت نتيجة تكرار لفظ ( أمدحه ) وهذا التنافر يعد قليل بالنسبه الأبيات السابقه .
ضعف التأليف
ثانياً - ضعف التأليف : وهو أن يكون الكلام في غير ما اشتهر من طريقة العرب في التعبير والتكلم والقول ويكون مخالف لقوانين النحو، وهنا فضعف التأليف هو : أن يأتي الكلام مخالفاً لقوانين وقواعد النحو مما أجمعوا عليه كعود ضمير علي متأخر في اللفظ والرتبه أو كوقوع الضمير المتصل بعد الإ كما في قول الشاعر :
وما علينا إذا ما كنت جارتنا أن لا يجاورنا إلاك ديّار
وكقول النابغة :
جري ربه عني عديّ بن حاتم
جزاء الكلاب العاوايات وقد فعل
والأمر الثالث الذي يجب أن يخلو منه الكلام حتي يكون فصيحاً هو :
التعقيد
التعقيد هو : وهو أن يكون الكلام الظاهر لا يدل علي المعني فيحتاج الي إطالة الفكر والنظر والتأمل في الكلام حتي يُفهم المعني المراد .
وهو كالعادة فاللغه العربية تكره الغموض الذي يؤدي إلي اللبس في المعني ، ويجب أن نفرق هنا بين كلام يحتاج الي كد وإعمال الفكر لمعرفة معناة ووجود ثمرة في النهاية وبين كلام يحتاج الي كد وعمل وفي النهاية لا يوجد معني أو ثمرة فهذا النوع هو ما ينطبق علية التعقيد .
التعقيد ينقسم الي قسمين :
التعقيد اللفظي
هو التقديم أو التأخير بين أجزاء الكلام فعندما يُسمع الكلام لا يُعرف معناه، وهذا النوع ينطبق علي قول الفرزدق :
إلي ملك ما أمه من محارب أبوه ولا كانت كليب تصاهره
ويّفهم من هذا البيت : إلي ملك أبوة ليست أمة من محارب، أي : إلي ملك ما أم أبيه من قبيلة محارب، فحصل في هذا البيت التعقيد اللفظي بسبب التقديم أو التأخير بين أجزاء الكلام.
ويجب أن نذكر هنا أن التقديم أو التأخير بين أجزاء الكلام لا يحصل منه فساد عند وجود القرينة، أما عندما يخلو من القرينة فأنة يحصل الفساد والتعقيد في الكلام.
التعقيد المعنوي
هو أن يكون المعني المقصود من المعني الأصلي للتركيب غامضاً يصعب علي الذهن الوصول إلي معناة، كقول الشاعر :
من الهيف لو أنً الخلاخل صبرت
لها وشحاً جالت عليه الخلاخل
فلقد حصل التعقيد المعنوي في هذا البيت لأن الشاعر قد كني عن دقة الخصر وضمور البطن بجولان الخلاخل عليها لو اتخذتها وشاحاً، فجولان الخلاخل المتخذة وشاحاً يدل علي بلوغها غاية القصر ولا يدل علي الدقة والضمور، فالعلاقة بين المعني المقصود والمعني الأصلي غير واضحة ويصعب انتقال الذهن إليه .
أما لو حصلت قرينة تدل علي المعني فهنا لا يحصل تعقيد كما فى قول العباس بن الأحنف :
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا::وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
وبهذا الأمور التي ذكرناها يجب أن يتجنبها كل من يريد أن يتكلم العربية بفصاحة فإذا تجنبت كل ما سبق من أمور تخل بفصاحة الكلمة أو الكلام فهنا نستطيع الحكم علي كلامك بأنة فصيح وخالي مما يخل بالفصاحة.